حكم تارك الصلاة حددته الشريعة الإسلامية بحالتين وهما:
أن يكون تارك الصلاة جاحداً لفرضيتها منكرا وجوبها
أو أن يكون تاركًا لها كسلاً وتهاونًا لكنه يؤمن بوجوبها
وقد حث الإسلام على الالتزام والمحافظة على الصلاة
وأمر بها رب العباد في قوله تعالى:
“حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ” (البقرة – 238)
ولمزيد من التفاصيل الهامة وآراء العلماء عن عقوبة وحكم تارك الصلاة
تابع معنا هذه المقالة.
ما حكم تارك الصلاة مع الدليل من القرآن والسنة؟
إنّ الصلاة هي العبادة الوحيدة التي لا تسقط عن المكلَّف بأي حال
من الأحوال وتبقى ملازمة له طول عمره، فقد أوجبها الله تعالى وفرضها
على رسوله من فوق سبع سموات في ليلة الإسراء والمعراج وذلك
لما لها من أهمية عظيمة ومنزلة كبيرة عند الله وقد كانت آخر
ما أوصى به الحبيب صلى الله عليه وسلم
فلماذا إذًا تترك الصلاة؟!!
{ حكم تارك الصلاة جحودًا وإنكارًا }
قلنا سابقًا أن تارك الصلاة إما أن يتركها جحودًا أو كسلًا وتهاونًا
فإن تركها جاحدًا ومنكرًا لوجوبها فقد أجمع العلماء على كفره
لأنه كذّب الله ورسوله وإجماع المسلمين،
حتى لو كان جاحدًا لوجوبها ويصلي فهو كافر بالإجماع كذلك،
أم الحالة الوحيدة التي استثناها العلماء وقالوا بعدم كفر تاركها جحودًا
هي أن يكون التارك حديث عهد بالإسلام أو نشأ بالبادية بعيدًا عن المسلمين
ولم يعرف بالحكم ففي هذه الحالة يبين له الأمر بوجوب الصلاة
فإن أعرض بعد ذلك وجحد يكون كافرًا.
تابع أيضًا: علاج الوسواس القهري في الصلاة والوضوء
حكم تارك الصلاة للشيخ الشعراوي
https://www.youtube.com/watch?v=waFTEjKfXO4
{ حكم تارك الصلاة كسلًا و تهاونًا }
ترك الصلاة المفروضة وصلاة الجمعة عمدًا لا اختلاف بين المسلمين
من أنه ذنب عظيم وكبيرة من الكبائر وإثمه عظيم عند الله تعالى
في الدنيا والآخرة،
أما حكم تارك الصلاة في المذاهب الأربعة
فاختلف العلماء فيه على قولين هما:
الأول: أنه فاسق ارتكب معصية وكبيرة من الكبائر ولكنه ليس بكافر
وهذا قول أكثر أهل العلم
(أبوحنيفة ومالك ووجه عند الشافعي ورواية عند الإمام أحمد)
ودليلهم على ذلك قول الله تعالى:
“إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ” (النساء – 48)
فقالوا أن الله يغفر جميع الذنوب ما عدا الشرك
وترك الصلاة تهاونًا وكسلًا ليس من الشرك.
الثاني: أنه كافر وخارجًا عن الملة إذا ترك الصلاة دائمًا بالكلية
وهذا قول الحنابلة والوجه الثاني للشافعية ورأي عند المالكية
وقال به بعض السلف وذهب إلى هذا الرأي ابن تيمية وابن القيم.
ودليلهم على ذلك قوله تعالى:
“فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا”(مريم – 60:59)
فقالوا أن الله تعالى قال للذين أضاعوا الصلاة (إلا من تاب وآمن)
فهذا دليل على أن المضيعين للصلاة غير مؤمنين.
واستدلوا أيضًا بقوله تعالى:
“وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ” (الروم – 31)
فقالوا أن ترك الصلاة علامة على أنهم من المشركين.
(( الدليل من السنة ))
واستدلوا كذلك بالحديث الشريف عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه، قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
“إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة” رواه مسلم.
وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
“إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر”
رواه الترمذي وابن ماجه والنسائي وأحمد.
فقالوا أن تارك صلاة أو صلاتين لا يقال له (ترك الصلاة)
بل المقصود في الحديثين ترك الصلاة كلها.
واستدل أصحاب هذا الرأي أيضًا بحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
“أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا غَزَا بنَا قَوْمًا، لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بنَا حتَّى يُصْبِحَ ويَنْظُرَ، فإنْ سَمِعَ أذَانًا كَفَّ عنْهمْ، وإنْ لَمْ يَسْمَعْ أذَانًا أغَارَ عليهم” رواه البخاري.
فقالوا أن الحديث فيه دلالة على أن إقامة الصلاة أوجبت الحكم بالإسلام،
فالأذان إنما هو نداء للصلاة فإذا كان موجبا للحكم بالإسلام
فالصلاة في ذلك أولى.
وكذلك استدلوا بحديث عن عن عوف بن مالك قال:
سمعت رسول الله صلى اللّه عليه وسلم يقول:
“خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، قال: قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم؟ فقال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة” رواه مسلم
ففي هذا دليل على أنّ ترك الصلاة وعدم إقامتها كفر.
واستدلو أيضا بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن ابن عباس قال:
“إنه لا حظ في الإسلام لمن أضاع الصلاة” (أخرجه مالك والطبراني)
حكم تارك الصلاة ابن عثيمين
{( والخلاصة )}
تارك الصلاة جحودًا وإنكارًا كافرًا بالإجماع
لأنه أنكر أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة
وأما تاركها كسلًا وتهاونًا فإن كان الترك كاملًا ودائمًا فالصحيح أنه كافر
وإن كان يصلي أحيانًا ويترك أحيانًا أو يصلي فرضًا أو فرضين
فالصحيح أنه ليس بكافر لأنه لم يترك الصلاة بالكلية فالأصل في ذلك
بقاءه مسلمًا فلا نخرجه من إسلامه إلا بيقين.
عقوبة تارك الصلاة
جاءت آيات تدل على العقاب الذي أعده الله تعالى لتارك الصلاة
وأحاديث نبوية أيضًا وهي كالتالي:
قال تعالى: “مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ” (المدثر – 42:43)
فعقوبة تارك الصلاة هنا دخول سقر وهي دركة من دركات النار.
وقوله تعالى: “يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ” (القلم – 42)
فتارك الصلاة لا يستطيع السجود بين يدي الله يوم القيامة
لأنه لم يسجد ولم يصلي في الدنيا.
وقال تعالى: “فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ” (مريم – 59)
والغي هو الخسران يوم القيامة وقيل أنه واد في جهنم.
وفي الحديث الشريف عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُه” رواه البخاري
فتارك صلاة العصر يحبط عمله ولا يحصل على أجر الصلاة.
وكذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يومًا فقال له:
“من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور وبرهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف” رواه أحمد والبيهقي.
وتارك الصلاة أيضًا لا يشفع له النبي يوم القيامة ويضيّق عليه في قبره
ولا تستغفر له الملائكة في الدنيا
وتنزع منه البركة في ماله وعمره ووقته ولا يستجاب لدعائه.
الخاتمة
هذا كان حكم تارك الصلاة في المذاهب الأربعة وعقوبة التارك،
ضمن مجموعة المقالات التي تتحدث عن الصلاة، فقد تم قبل ذلك
كتابة مقالات عن أركان الصلاة و شروطها و مكروهاتها و مبطلاتها
وقريبًا سنكتب الكثير من المقالات عن الصلاة كسنن الصلاة وواجباتها
وما إلى ذلك فتابعونا
فاللهم إن كان من توفيق فمن الله وإن كان من خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منهما براء،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سيدنا وحبيبنا محمد صلى اللّه عليه وسلم.