فضل الأضحية

فضل الأضحية وأحكامها وشروطها بالأدلة

إن فضل الأضحية عظيم وقدر كبير في الشرع كونها نسك يُتقرب به
إلى الله تعالى في أيام النحر، ولقد بين الله فضلها العظيم كشعيرة
من شعائر الدين في سورة الحج، وفضل من يفعلها تقرباً لله فقال تعالى:
“ذَلِكَ وَممَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ” (الحج – 32)،

ولعل هذا هو الشرف الأكبر من الأضحية التي منحه الله تعالى للمضحين،
كونها شعيرة ومن يفعلها تقربا لله، وخالصة لوجهه سبحانه،
فإنما هي علامة على تقوى القلوب وسلامتها،

أما عن فضلها بشكل عام فلها فضائل عديدة سنذكرها بالتفصيل بفضل الله،
لكن قبل ذلك سنعرف الأضحية تعريفاً بسيطاً،
ثم نتحدث عن حكمها وعن شروط الأضحية الصحيحة
حتى يتعرف المضحي على هذه الشروط كي يُقدم على الطاعة وهو على
علم بكل أحكامها وهذا يدفع عنه كل خطأ قد يرتكبه دون علم منه.

مقال شامل عن أحكام و فضل الأضحية

تعريف الأضحية والدليل عليها

الأضحية هي ما يُتقرب به لله تعالى في أيام معلومة وهي أيام النحر،
وذلك وفق شروط مخصوصة وأحكام مخصوصة وفي أوقات معلومة ومخصوصة،
وقد ثبتت مشروعية الأضحية في القرآن الكريم في سورة الكوثر
في قوله تعالى: “فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ”،

فضل الأضحية

وهنا يقول العلماء فصل لربك وأنحر أي صلي لربك وأنحر لربك،
والمعنى الثاني فصل لربك وأنحر أي صلي أولاً ثم أنحر بعد الصلاة
إذا لا يكون الذبح أضحية إذا تم قبل الصلاة وهذا بإجماع المسلمين وعلماؤهم،

وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في العيد بعد الصلاة
كما جاء في الحديث الشريف عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال:
{ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ،
وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا} رواه البخاري ومسلم.

مواضيع مهمة: فضل صيام يوم عرفة

حكمة مشروعية الأضحية

للأضحية حكمة من مشروعيتها كما هي جميع أحكام الشرع الحنيف،
ومن حكمة مشروعيتها ما يلي:

  • أنها شُرعت كشكر لله عز وجل كما قال سبحانه وتعالى:
    “لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ..” (الحج – 28)،
    وقال سبحانه: “كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ” (الحج – 37).
  • أنها شرعت من أجل التوسعة على النفس وعلى الأهل وعلى الأقارب
    والجيران والأصدقاء والفقراء، قال الله تعالى:
    “لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ”.
  • شُرعت من أجل الصدقة وإعطاء الفقراء منها كنوع من التكافل الاجتماعي
    والترابط بين أفراد المجتمع المسلم، فقال ربنا عز من قائل في كتابه:
    “فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ”.
  • ومن حكمة المشروعية في فضل الأضحية كذلك أنها أحياء لسنة سيدنا إبراهيم
    عليه الصلاة والسلام وخليل الله وهو أول من ضحى مع قصته الشهيرة
    مع سيدنا إسماعيل عليه السلام والذي فداه الله بذبح عظيم،
    وقيل أنه كان كبش عظيم نزل من السماء، كما جاء في سورة الصافات:
    “وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ”.

حكم الأضحية

الأضحية سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم،
يستحب استحباباً شديداُ للمقتدر أن لا يفوت على نفسه هذا الأجر العظيم،
وقد جاء في دليل مشروعيتها قوله تعالى: “فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ”،
وقد ورد ذلك عن النبي أنه ضحى على كبشين عظيمين كبيرين كما جاء في الحديث الشريف
{ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين وذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما}
وهذا من فضل الأضحية العظيم.

مواضيع قد تهمك: فضل العشر من ذي الحجة

شروط الأضحية والمضحي

  • هناك عدة شروط للأضحية وهي أن تكون من بهيمة الأنعام
    التي وردت في القرآن الكريم في قوله تعالى:
    “ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۖ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ۗ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنثَيَيْنِ ۖ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ۗ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنثَيَيْنِ ۖ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَٰذَا ۚ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِّيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” (الأنعام – 143).
  • كما أنها ينبغي أن تكون مسنة وهي التي بلغت السن كما جاء بذلك نصوص،
    وهي أن يكون للغنم عمر سنة واحدة، وللبقر سنتان، وللإبل خمس سنين،
    وإلا فإنها إن كانت أقل من السن وكانت سمينة وعظيمة فإنها لا تجزئ
    ولا تكون أضحية بل يكون لحم قدمه الرجل لأهله،
    وقد جاء ذلك في حديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    {لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ} رواه مسلم.
  • ومنها شروط في الأضحية نفسها وهي أن تكون سمينة وعظيمة وليست نحيفة
    لأنها تقدم قربان لله عز وجل وإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً فمن المعروف
    أن فضل الأضحية عظيم لذا ينبغي أن تكون طيبة لتحصل على هذا الفضل.
  • وأن لا تكون مكسورة القرن، ولا عرجاء، ولا مقطوعة الأذن، ولا مفقوعة العين
    فقد ورد في ذلك أنها لا تصح أن تكون أضحية لعيوبها الشرعية التي ذكرناها،
    فقد جاء عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبيّ عليه الصلاة والسلام:
    {لا يجوزُ مِنَ الضحايا: العَوْرَاءُ الَبيِّنُ عَوَرُهَا، والعَرْجَاءُ البَيِّنُ عَرَجُهَا، والمريضةُ البَيِّنُ مَرَضُهَا، والعَجْفَاءُ التي لا تُنْقِي}
    (رواه الترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجة وأحمد ومالك)،
    وكذلك لم يجز العلماء الجرباء ولا المتولدة ولا الثولاء (المجنونة التي لا تأكل إلا قليلًا) ولا المأكول البعض منها.

    {{ شروط المضحي }}

  • ومن شروط المضحي أن تكون من ماله الحلال وليست مسروقة، وأن تكون من أطيب ماله فالله طيب لايقبل إلا طيباً.
  • ومن شروطه كذلك أن يكون مسلم بالغ عاقل مقتدر مقيم غير حاج.

فضل الأضحية

للأضحية فضائل عديدة وأجر عظيم عند الله تعالى
ومن فضل الأضحية وفضائلها ما يلي:

فضل الأضحية

  • أنها نسك وأن الله يحب أن يرى عبده حيث أمره وأن ينتهي حيث نهاه،
    وهي شعيرة من شعائر الله، وسبحانه وتعالى يحب من يعظم شعائره
    وهو الغني عن كل هذا سبحانه فلا تنفعه طاعة الطائعين
    ولا تضره معصية العاصين،
    وقد قال الله فيمن يعظم شعائره: “ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ” (الحج – 32).
  • لا يوجد عمل أعظم من التقرب لله بإهراق الدم في يوم النحر،
    وقد ورد ذلك في الحديث الصحيح في سنن ابن ماجه
    عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال:
    {ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم،
    وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله
    بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفسًا}.
  • أنها باب من أبواب الصدقة وإطعام الطعام والتكافل في المجتمع،
    وباب من أبواب الألفة بين الناس.
  • أنها تقرب لله عز وجل ومن باب الشكر لله ومن باب ذكره على فضله ونعمائه،
    قال الله تعالى في كتابه العزيز: “وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (الحج – 36).
  • باب من أبواب التقوى لأن الله تعالى لا يصل إليه لحم ولا دم وحاشاه سبحانه أن ينتفع بذلك،
    بل يصل إليه تقوى الناس وامتثالهم لأمره، قال الله تعالى:
    “لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ” (الحج – 37)
    وهذا أعظم فضل من فضل الأضحية عند الله.
    اقرأ أيضًا: فضل يوم عرفة

توزيع الأضحية

الأضحية ليس لتوزيعها قدر معلوم، لكن ينبغي أن تأكل أنت وأهلك
وتوزع على أقاربك وأن تُخرج منها للفقراء، لقوله تعالى:
“فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ”.

هذا وفي ختام الحديث عن فضل الأضحية من أقتدر فليضحي لأنها سنة مؤكدة وأجر عظيم،
ومن لم يستطع فلا بئس، ولا تنسوا الصدقات والإخراج منها،
والذبح يكون بعد الصلاة وليس قبلها، كما بينا من قبل،
ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.

شاهد أيضاً

ما هي أركان الصلاة وواجباتها

ما هي أركان الصلاة وواجباتها في الإسلام ؟

ما هي أركان الصلاة وواجباتها في الإسلام ؟ إن الصلاة في الإسلام هي أعظم شئ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *