قصص سورة الكهف …سورة الكهف هي إحدى سور القرآن الكريم
المكية، ويأتي ترتيبها في المصحف الشريف رقم 18 وعدد آياتها 110
وسميت بسورة الكهف نسبة لأهل الكهف الذين ورد ذكرهم في السورة
ومن خلال هذا المقال سوف نتحدث عن قصص سورة الكهف والتي تتمثل في الآتي:
قصص سورة الكهف
أوصانا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بقراءة سورة الكهف كل
يوم جمعة لما لها من فضل كبير على المؤمنين حيث جاء
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين الجمعتين”
رواه الحاكم والبيهقي.
وقد ورد في هذه السورة الكريمة خمس قصص مختلفة عرفت باسم قصص سورة الكهف
يربطها محور واحد وهو فتن الدنيا وسوف نستعرض عليكم تفاصيل هذه القصص بشكل
مختصر وسهل، فلنتابع
قصة أهل الكهف
القصة الأولى من قصص سورة الكهف قصة أصحاب الكهف التي تدور
حول مجموعة من الشباب، ولم تذكر أسماؤهم على وجه التحديد
أو عددهم في القرآن الكريم، وعاش هؤلاء الشباب في قرية كان يحكمها
حاكم ظالم وجميع سكانها كاموا يعبدون الأصنام وكانوا صارمين للغاية
في عبادتهم ، وهذا التشدد جعلهم يهاجمون كل من حاول
التطاول على هذه الأصنام.
ومع ذلك، لم يكن هؤلاء الشباب متورطين مع هؤلاء الناس في عبادة الأصنام،
لذلك رفضوا السجود لأي وثن، لذلك اراد الله سبحانه وتعالى أن يثبتهم على
الهدى، وبالفعل حاول الفتية أن يدعوا اهل قريتهم أن يتخلوا عن عبادة الأصنام،
لكن سكان البلدة رفضوا، وكانوا يسدون آذانهم،
ووصل أمر الفتية إلى الحاكم
الظالم وأمر جنوده بالبحث عنهم لقتلهم، فلم يكن أمام هؤلاء الفتية إلا الرحيل
والاختباء في مكان آمن يعبدون الله فيه، حتى وصلوا إلى كهف فاستلقوا حتى ناموا
وهنا حدثت المعجزة الإلهية، فقد جعل الله هؤلاء الفتية ينامون 309 عام
ومن رحمة الله عز وجل كان أجسادهم تتقلب أثناء النوم حتى لا تتأذى
أجسادهم كما حجب عنهم أشعة الشمس الحارقة أثناء الذروة لحمايتهم.
صحوة أهل الكهف
وبعد مرور 309 عام استيقظ الفتية بأمر من الله سبحانه وتعالى وكأنهم
ناموا ليلة واحدة فقط وكانوا يشعرون بالجوع الشديد وأخبروا أحدهم أن
يذهب إلى السوق ليجلب لهم بعض الطعام ، وأوصوه بأن يكون حذرًا من
أن لا أحد يلاحظ ذلك ، وعندما ذهب أحدهم إلى القرية لشراء الطعام لهم،
أدرك أن هناك تغيرًا حادًا في الناس وفي القرية، حيث كان يرتدي ملابس
غريبة والأموال التي يملكها لم يستخدمها احد منذ مئات السنين، وسألوه
عن قصته فأخبرهم بما حدث، فذهبوا به اهل القرية وأخذوا الفتية للملك الذي
كان على الديانة المسيحية فذهب معهم إلى الكهف لرؤيته،
لذلك عندما وصل إلى الكهف ورأى بنفسه ما حدث له وصدق قصتهم،
ماتوا الفتية على الفور، وبنى الملك كنيسة على الكهف للصلاة، وذكر القرآن
الكريم تاريخ أهل الكهف بالتفصيل، كما ورد في سورة “الكهف”.
النص القرآني:
بسم الله الرحمن الرحيم
{أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا(9)
إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا(10)
فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا(11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى
لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا(12)نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى(13)
وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ
قُلْنَا إِذًا شَطَطًا(14)هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ
يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا(16)وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ
تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ
مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا}.
صدق الله العظيم
قصة صاحب الجنتين
أيضاً من قصص سورة الكهف قصة صاحب الجنتين
وتدور الأحداث حول رجلين أحدهما مؤمن قليل الرزق ولكنه
راضيًا بقضاء الله وقدره، والآخر كافر أعطاه الله مزرعتين بها ما لذ وطاب
من الثمار والزرع ولكنه لم يكن يتصدق على الفقراء وكان يعتقد أن
هذه النعمة لا تزول.
وفي أحد الأيام ذهب الرجل المؤمن لزيارته فصار الكافر يتفاخر بما لديه
وبما تحتويه جنتيه، فأخبره المؤمن أن الله سبحانه وتعالى قادر على زوال
هذه النعمة التي أنعم بها عليه وعليه أن يتقى الله ويخاف من عقابه،
كما تم ذكر ذلك في سورة الكهف
(أَكَفَرتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ
ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا*لـكِنّا هُوَ اللَّـهُ رَبّي وَلا أُشرِكُ بِرَبّي أَحَدًا)
ولكن الكافر لم يهتم فأرسل الله سبحانه وتعالى عليه رياح عاتيه
فأصبحت مزرعتيه كالصحراء القاحلة لا ماء ولا زرع عقابًا له عما فعل،
مما جعله ذلك في حسرة وندم ندما شديدا وتمنى أنه لم يشرك بالله عز وجل يوماً
وقد وضح ذلك الله عز وجل كما ورد في سورة الكهف
(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ
يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا*وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا).
قصة إبليس وآدم
قال الله تعالى في سورة الكهف: (وَإِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ
فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ كانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذونَهُ
وَذُرِّيَّتَهُ أَولِياءَ مِن دوني وَهُم لَكُم عَدُوٌّ بِئسَ لِلظّالِمينَ بَدَلًا*ما
أَشهَدتُهُم خَلقَ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلا خَلقَ أَنفُسِهِم وَما كُنتُ
مُتَّخِذَ المُضِلّينَ عَضُدًا).
وهنا ذكر الله سبحانه وتعالى من خلال قصص سورة الكهف قصة آدم مع
إبليس الذي رفض أمر الله بالسجود لآدم عليه السلام.
وقد حذر الله سبحانه وتعالى عباده من اتباع إبليس والانصياع لأوامره
وسلوك طريقه وهو الذي تكبّر ورفض أمر الله له بالسجود لآدم عليه
السلام تشريفًا وتكريمًا له، ثم وضح وبين الله تعالى كمال قدرته وحده
في خلق السماوات والأرض.
مقال ذات صلة: سور القرآن الكريم بالشرح والتفسير وسبب النزول
قصة موسى والخضر
القصة الرابعة من قصص سورة الكهف هي قصة نبي الله موسى عليه
السلام مع أحد عباد الله ويدعى الخضر الذي منحه الله قدرًا كبيرًا
من العلم والمعرفة.
وجاءت بداية القصة عندما كان موسى يخطب لبني إسرائيل فسأله
أحدهم قائلاً: يا رسول الله هل هناك في الأرض أحد أعلم منك؟
فرد عليه سيدنا موسى بالنفي وقال له: لا.
وبعد أيام عاتبه الله على إجابته مشيرًا إلى أنه يجب أن يرد العلم إلى الله
سبحانه وتعالى وأخبره بأن هناك من هو أعلم منه في مجمع البحرين وأمره
بأن يذهب إليه ليتعلم منه.
بالطبع، موسى هو خادم مطيع لله، أعد نفسه لهذه الرحلة وأخذ معه
شابًا تقيًا يقال أنه يوشع بن نون وأخذا معهما حوتًا.
وعندما وصلوا إلى صخرة أخذهم النعاس وناموا ثم انسل الحوت وسقط في
البحر ولم يدري عنه سيدنا موسى والفتى وواصلا سيرهما في اليوم التالي.
سيدنا موسى يلتقي الخضر
عندما تعبوا من المشي وأصابهم الجوع، طلب معلمنا موسى من فتاه
إحضار الطعام، ثم تذكرا الحوت واعتقدا أنهما نسياه عند الصخرة فعادا
إلى الصخرة مرة أخرى للبحث عنه، وعندما وصلا إلى الصخرة وجدا
شيخًا كبيرًا في السن فسلم عليه سيدنا موسى وطلب منه أن يعلمه
ما علمه الله، وأخبر الخضر أنه لا يستطيع التحلي بالصبر حتى يتعلم.
قال تعالى:
“وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا *
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا *
فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا *
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ
إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا”
واشترط الخضر على نبينا موسى بأن لا يسأل عن أي شيء حتى يخبره بنفسه،
ثم خرجوا إلى شاطئ البحر، وصعدوا سفينة بجانبهم دون أن يدفعوا، وفوجئ
موسى بأن الخضر يقوم بتخريب السفينة بالقدوم، فلم يصبر سيدنا موسى
واعترض على هذا التصرف بشدة وقال للخضر أنه سوف يعرض السفينة للغرق،
فذكره الخضر بأنه وعده أنه لن يسأل عن شيء حتى يخبره بنفسه، فاعتذر له
سيدنا موسى عما قاله بسبب النسيان.
بعدها نزل عصفور صغير على حرف السفينة ونقر نقرةً في البحر، فقال الخضر لسيدنا
موسى أن علمهما سويًا أقل من نقرة هذا العصفور بالنسبة لعلم الله تعالى.
النص القرآني من سورة الكهف
“فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى
هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67)
وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي
لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا
(71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي
مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ
جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ
بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)”
مقتل الصبي
ثم خرج مدرسنا موسى والخضر من القارب وساروا إلى الشاطئ ،
لذا رأى الخضر فتى يلعب مع أطفال آخرين، فقتله. ثم استنكر معلمنا
موسى سلوك الخضر وتعجب من ذلك، فذكّره مرة أخرى بالاتفاق الذي
بينهم، والتي اعتذر معلمنا موسى عنها مرة أخرى، ثم ذهبوا معا.
هدم الجدار
ونزلا في قرية خبيثة لم يجدا فيها ترحيب من أهلها حتي لم يحصلوا
علي شربة ماء بها فإذا ببيت قديم آيل للسقوط ومتهالك ذهب الخضر
وأعاد بناء جدار كاد أن يسقط. تعجب موسي منه وقال ليتنا نأخذ أجر
ما فعلنا, صاح الخضر قائلاً إنه وقت تنفيذ حُكمك إنه الفراق فوافق موسي.
توضيح تصرفات الخضر
وضح الخضر لموسي قبل الفراق لما خرق السفينة حيث كانت
لفقراء وكان عند المرسى ملك يأخذ السفن فخرقتها ليظنها خربة
ويتركها.
والغلام عندما يكبر كان سيعامل والديه معاملة سيئة ويكفر عكس
حالهم من الإيمان وأراد الله لهم ابناً باراً.
وعن الجدار كان صاحب البيت رجلاً صالحاً ترك طفلين وتحت البيت كنز
لهما وكما تري أهل البلدة كانوا بالتأكيد يسرقونه فأقمته حتي يكبر كلاهما
ويحميان كنزهما.
في النهاية، أخبر الخضر معلمنا موسى أنه فعل كل شيء بعلم الله وليس بعلمه.
كما جاء ذلك في سورة الكهف:
” فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا
أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ
شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ
مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي
الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)
وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ
يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ
يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ
يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ
تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82).
قصة ذي القرنين
القصة الخامسة من قصص سورة الكهف :
(ذي القرنين) يحكي عنه القرآن قصة بنائه لسد يمنع عدوان يأجوج
ومأجوج المفسدين في الأرض، قال تعالى: “قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ
يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ
تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي
بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا *
آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى
بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا *
فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي
فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا” (الكهف: 94-98)
تفسير الآيات
وهنا توضح آيات القرآن الكريم آخر قصة وردت من قصص سورة الكهف وهي
قصة ذي القرنين وهو عبد من عباد الله أعطاه الله ملكًا كبيرًا ومكنه
على مشارق ومغارب الأرض وكان معروفًا بالعدل والقوة والنفوذ والسلطان.
وسمي بذي القرنين لأنه ملك مابين المشرق والمغرب وقيل غير ذلك
لكن هذا القول هو الأصح وهو قول الزهري رحمه الله
وذكره ابن كثير في كتابه البداية والنهاية.
فقد وصل فيما إلى أقصى ما يسلك فيه الأرض من ناحية المغرب
أي موضع غروب الشمس، ثم رأى الشمس وكأنها تغرب في المحيط
في عين ذات طينة سوداء، ووجد عندها قومًا كافرين، وقد خيره الله بين
إما تعذيبهم أو الاحسان إليهم،
فقال: “قُلنا يا ذَا القَرنَينِ إِمّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمّا
أَن تَتَّخِذَ فيهِم حُسنًا” فاختار ذو القرنين أن يحسن إليهم ويدعوهم إلى
عبادة الله وحده فمن آمن فله جزاءً الحسنى في الدنيا والآخرة
ومن ظلم فسوف يعذب في الدنيا بالقتل وفي الآخرة
يعذبه الله عذابًا شديدًا أليمًا.
ثم ذهب إلى المشرق أي موضع شروق الشمس فوجد الناس هناك
ليس لديهم حجاب من الشمس لأن الشمس دائمة لا تغرب، أو ليس
لديهم سكن لهم يحجبهم من أشعة الشمس.
ثم توجه إلى الشمال فوجد سدين (جبلان كبيران بينهما ثغرة)
يخرج من بينهم يأجوج ومأجوج، فيفسدون في الأرض ويهلكون الحرث
والنسل ووجد من دون السدين قوما لا يفهمون لغته،
ومع ذلك فقد منحه الله القدرة على أن يعرف هو لغتهم، فاشتكوا إليه
من فساد يأجوج ومأجوج، وطلبوا منه أن يُقيم سدًا بينهم على أن يدفعوا
له الأجر، فقال لهم: “ما مكني فيه ربي خيرٌ” أي أن الله سبحانه وتعالى
مكّن له في الأرض فلا حاجة له فيما يجمعونه ثم قال لهم ساعدوني بعملكم
وما لديكم من أدوات وآلات للبناء فأقام لهم سدا قويًا مانعًا
ثم توجه إلى الله شاكرا له.
تابع أيضًا: سورة القصص مكتوبة كاملة
الخاتمة
انتهى الحديث عن قصص سورة الكهف الخمسة بطريقة سهلة ومختصرة،
فاللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.