بسم الله الهادي الذي هدانا للإيمان، والحمد لله أرسل لنا رسوله ليكون لنا معلماً، ونحن في شهر رمضان الكريم نجد كثيرٌ من الناس يسأل هذا السؤال، كم عدد ركعات صلاة التراويح مع الشفع والوتر ؟ في هذه المقالة سنجيب على هذا التساؤل، فأسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، ولكن قبل ذلك نتعرف على ماهي صلاة التروايح؟ وما فضلها؟
ماهي صلاة التراويح؟
الصلاة في الإسلام إما واجبة أو نافلة، وصلاة التراويح من النوافل التي شرعها الله تعالى للمسلمين، لجبر النقص الحاصل في الفريضة، وزيادة الأجر والثواب، وهي صلاة تؤدى في شهر رمضان المبارك ، وهي من صلاة قيام الليل في رمضان.
حكم صلاة التراويح
صلاة التراويح سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا قول الشافعية والحنابلة والحنفية ويرى المالكية أنها مندوبة ندبًا مؤكدًا، وسميت بصلاة التراويح لأنها تروح على النفس، ويجلس المصلي فيها للراحة بعد كل أربع ركعات، كما هي عادة المصلين فيها.
أما الدليل على أنها سنة مؤكدة هو ماجاء عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ لَيْلَةً مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، وصَلَّى رِجَالٌ بصَلَاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ فَصَلَّى فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَصَلَّى فَصَلَّوْا بصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ، حتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، ولَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْتَرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والأمْرُ علَى ذلكَ (صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم 2012).
حكم صلاة التراويح جماعة
يرى الحنفية: أن صلاة التراويح جماعة سنة على الكفاية بمعنى أنه إذا أداها البعض جماعة تكفي عن بقية الناس، أما لو تركها الجميع فمكروه.
ويرى المالكية: أن صلاتها في جماعة من المستحبات لبقاء العمل بها من عهد عمر بن الخطاب عندما جمع الناس عليها.
ويرى الشافعية والحنابلة: أن صلاة التراويح جماعة سنة لأن النبي صلاها بعض الليالي وجمع الناس عليها وتركها بعد ذلك خشية أن تفرض عليهم.
فضل صلاة التراويح
- ينال مصلي التراويح أجر قيام ليلة، ومن الأحاديث التي تبين ذلك ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: [من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة] (رواه الترمذي والنسائي وأبوداوود وابن ماجة)، وأيضا من يصلي التراويح في البيت، فيكون الرجل هو الإمام وخلفه زوجته وأبنائه، تكتب لهم قيام ليلة إذا أتمو الصلاة كاملة جماعة، والله أعلم.
- مصلي التراويح يغفر له جميع ذنوبه، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: [من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر] (رواه البخاري ومسلم)، وهنا نوضح أن قيام رمضان له شرط وهو قوله صلى الله عليه وسلم: “إيماناً واحتساباً” ، بمعنى أن يكون مصدقاً مؤمناً بالله تعالى، وأن صلاته كلها لله، محتسباً الأجر والثواب من الله تعالى.
- مصلي التراويح يصرف وجهه عن النار ولا يعذب فيها، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} (الفرقان – 64،65).
- مصلي التراويح يفوز بـ الجنة، ويرى فيها ما تقر عينه، قال تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (السجدة – 16،17).
فضل صلاة التراويح في العشر الأواخر
العشر الأواخر من رمضان من أفضل الأيام وذلك لأن فيهم ليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر ويستحب في العشر الأواخر الإكثار من الأعمال الصالحة كالدعاء والصدقة وكذلك قيام الليل التي هي صلاة التراويح.
فمن صلى التراويح في العشر الأواخر جميعًا فسيصيب بإذن الله ليلة القدر التي من فضلها أن من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وذلك للحديث الشريف عن أبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنهُ عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ أنَّه قال: “مَن يَقُمْ ليلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنبِه” (صحيح البخاري ومسلم).
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزرو وأحيا ليله وأيقظ أهله فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ” (رواه البخاري).
فلتحرص على قيام ليالي العشر بصلاة التراويح لما لها من فضل عظيم وشرف كبير.
كم عدد ركعات صلاة التراويح مع الشفع والوتر ؟
صلاة الفرض معلوم عددها، فهي خمس صلوات، أنزلها الله تعالى من فوق سبع سموات، وهذا لا اختلاف فيه، أما صلوات النوافل فليس لها عدد معين فكل إنسان يصلي على قدر استطاعته من النافلة.
أما إجابة السؤال، كم عدد ركعات التراويح مع الشفع والوتر؟ فلم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد معين، وقد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم ثماني ركعات، وركعتي الشفع وركعة الوتر كما جاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها: [أن النبي صلى الله عليه وسلم ماكان يزيد في رمضان، ولا في غيره، على إحدى عشر ركعة، يصلي أربعا ، فلا تسل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعا ، فلا تسل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي ثلاثا] (رواه البخاري ومسلم)، فمن خلال هذا الحديث يكون عدد ركعات صلاة التراويح مع الشفع والوتر إحدى عشر ركعة.
المذاهب الفقهية الأربعة في كم عدد ركعات صلاة التراويح مع الشفع والوتر؟
ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة والحنفية أن عدد ركعات صلاة التراويح عشرون ركعة، من غير الشفع والوتر، فيكون المجموع ثلاثة وعشرون ركعة،
ويصلى الإمام ركعتين ركعتين و يستريحون بعد كل أربع ركعات، ويختم الإمام التراويح بصلاة الوتر ركعة واحدة كما جاء في حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، أنه قال: [صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح، صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى] (رواه البخاري و مسلم).
واستدل الجمهور من العلماء على ذلك بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع المسلمين في صلاة التراويح على إمام واحد يصلي بهم عشرون ركعة، وقد جمع عمر الصحابة على إمامهم أبي بن كعب رضي الله عنه.
فعن عبدالرحمن بن عبدالقاري قال: خَرَجْتُ مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه لَيْلَةً في رَمَضَانَ إلى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ؛ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، ويُصَلِّي الرَّجُلُ فيُصَلِّي بصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي أرَى لو جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ علَى قَارِئٍ واحِدٍ، لَكانَ أمْثَلَ. ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمعهُمْ علَى أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ معهُ لَيْلَةً أُخْرَى والنَّاسُ يُصَلُّونَ بصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هذِه، والَّتي يَنَامُونَ عَنْهَا أفْضَلُ مِنَ الَّتي يَقُومُونَ. يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ، وكانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أوَّلَهُ” (صحيح البخاري).
وذهب المالكية إلى أن عدد ركعات صلاة التراويح ستة وثلاثون ركعة بدون الشفع والوتر فيكون المجموع تسعة وثلاثون ركعة، وتصلى ركعتين ركعتين ويستريحون بين كل أربع ركعات تسع مرات.
القول الراجح
صلاة التراويح من النوافل، فيجوز للمسلم أن يصلي ثماني ركعات، مع الشفع والوتر فتكون إحدى عشر ركعة، وهذا أقل عدد ركعات صلاة التراويح وتصلى عشرون ركعة، مع الشفع والوتر ثلاث وعشرين ركعة، وللمسلم أيضاً أن يصلي صلاة التراويح 13 ركعة مع الشفع والوتر،أو أي عدد يريده فمن زاد فلا حرج، فالحكم في ذلك للمصلي و كم عدد ركعات صلاة التراويح يستطيع أن يصلي؟
كيفية آداء صلاة التراويح في المساجد
والتراويح تصلى في رمضان بعد صلاة العشاء وتـ صلى جماعة في المسجد، فيصلي الإمام ركعتين اثنتين ثم يسلم ثم يصلي ركعتين ويسلم ويستريح الناس بعد الركعة الرابعة وهكذا في باقي الركعات ثم يختم الإمام بركعتي الشفع ثم بصلاة الوتر ركعة واحدة.
بيان كيفية صلاة التراويح في البيت
الأفضل في صلاة التراويح أن تصلى بالمسجد، ولكن من الممكن أن تصلى صلاة التراويح جماعة في البيت أيضاً، وبيان كيفية صلاة التراويح في البيت ، موضحة في الصورة التالية.
في النهاية أحمد الله تعالى وأسأله أن يزيل عنا الغمة، ويرفع عنا الوباء والبلاء، وأرجو من الله تعالى أن أكون قد وفقت في الإجابة على سؤال، كم عدد ركعات صلاة التراويح مع الشفع والوتر ؟ فاللهم بارك لنا في رمضان وأعنا فيه على الصيام والقيام وخير العمل، واجعلنا اللهم من الذين يكثرون من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل زمان ومكان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.