ما هي آيات السكينة ؟ آيات الطمأنينة والإنشراح ،
فقد أنزل الله سبحانه وتعالي القرآن الكريم كتاب هداية ورشاد،
لهداية البشر وإخراجهم من الظلمات إلى النّور بإذنه.
ومن أعظم ما تناوله القرآن الكريم آيات السكينة كقول الله عز وجلّ:
{هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ}.
فالسكينة هي الطمأنينة والاستقرار والرزانة والوقار، حيث يقول العلّامة ابن القيّم رحمه الله:
“ما ينزِّله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدَّة المخاوف، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه، ويوجب له زيادة الإيمان، وقوَّة اليقين والثَّبات”.
ولكن هناك ثمة فرق بين السكينة والوقار وهو أن السكينة تكون غالبًا مع الاضطراب عند الخوف والغضب.
آيات السكينة في القرآن الكريم
تعد السكينة والطمأنينة من أعظم نعم الله تعالى على عباده المؤمنين،
ويؤثر قراءة آيات السكينة في القرآن الكريم بتدبّر وخشوع وحضور على قلب المسلم وسكون نفسه.
فمن أعظم مقاصد القرآن الكريم؛ العمل به وتدبّر آياته مع إقامة حروفه بحفظه بالصدر.
وأصل السكينة والطمأنينة في القرآن الكريم جاءت كالتالي :
- ( وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ){البقرة :248}
قال الشيخ ابن عثيمين في تفسير هذه الآية:
و ( التَّابُوتُ ) شيء من الخشب أو من العاج يُشبه الصندوق ، ينزل و يصطحبونه معهم ، و فيه السكينة .
يعني أن التابوت كالشيء الذي يُسكنهم و يطمئنون إليه – و هذا من آيات الله.
و قال: “وصار معهم – أي التابوت – يصطحبونه في غزواتهم فيه السكينة من الله سبحانه و تعالى:
أنهم إذا رأوا هذا التابوت سكنت قلوبهم ، و انشرحت صدورهم”
- في يوم حنين و في تلك الساعات الحرجة ، التي قال الله عنها: ( وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ {25} )
نزلت السكينة فقال تعالى : ( ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ ) {التوبة : 26} - ولو نظر أحد المشركين الى ما تحت قدمه في يوم الهجرة لرأى النبي و صاحبه.
حيث قال ابن السعدي : ” فهما في تلك الحالة الحرجة الشديدة المشقة،
حين انتشر الأعداء من كل جانب يطلبونهما ليقتلوهما.
فأنزل الله عليهما من نصره مالا يخطر على بال .
فقال تعالى : ( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) {التوبة :40}
اقرأ أيضا: دعاء الشفاء للمريض و فضل زيارته ورقية الشفاء
- وفي الحديبية تزلزلت القلوب من تحكم الكفار عليهم فنزلت في تلك اللحظات السكينة.
فقال تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ){الفتح :4} .
والظاهر – و الله أعلم – بأن الحديبية كانت من أشد المواقف التي أُمتحن فيها المسلمون ،
يدل على ذلك تنزّل السكينة فيها أكثر من مرة كان هذا الموقف أحدها .
- و كذلك الموقف الثاني الذي ذكر الله فيه تنزّل السكينة في الحديبية ، عند بيعة الرضوان.
حيث قال تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ) {الفتح : 18} .
- وهذه الآية السادسة و الأخيرة و هي المرة الثالثة الذي ذكر الله تنزّل السكينة فيها في الحديبية.
فقال تعالى : ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ){الفتح :26}
تابع هذا المقال: آيات الرزق في القرآن الكريم
أثر آيات السكينه علي القلب
كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور : قرأ آيات السكينة .
حيث قال في واقعة عظيمة جرت له في مرضه تعجز العقول عن حملها ،
من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة.
قال: فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن حولي: اقرأوا آيات السكينة ،
قال : ثم أقلع عني ذلك الحال ، وجلست وما بي قَلَبَة .
وأصل السكينة هي الطمأنينة والوقار والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة المخاوف،
فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه ، ويوجب له زيادة الإيمان ، وقوة اليقين ، والثبات.
ولذلك أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب كيوم الهجرة ،
إذ هو وصاحبه في الغار ، والعدو فوق رءوسهم ، لو نظر أحدهم إلى ما تحت قدميه لرآهما.
وأيضاً، يوم حنين حين ولوا مدبرين من شدة بأس الكفار لا يلوي أحد منهم على أحد ،
وكيوم الحديبية حين اضطربت قلوبهم من تحكم الكفار عليهم ،
ودخولهم تحت شروطهم التي لا تحملها النفوس.
وحسبك بضعف عمر رضي الله عنه عن حملها ، وهو عمر ،
حتى ثبته الله بالصدِّيق رضي الله عنه .
وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال :
رأيت النبي ينقل من تراب الخندق حتى وارى التراب جلدة بطنه وهو يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا … ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا … وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا … وإن أرادوا فتنة أبينا
وفي صفة رسول الله في الكتب المتقدمة:
إني باعث نبيا أميا ، ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ،
ولا متزين بالفحش ، ولا قوال للخنا ، أسدده لكل جميل،
وأهب له كل خلق كريم ، ثم أجعل السكينة لباسه ، والبر شعاره ، والتقوى ضميره ،
والحكمة معقوله ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو والمعروف خلقه ، والعدل سيرته ،
والحق شريعته ، والهدى إمامه ، والإسلام ملته ، وأحمد اسمه ” انتهى باختصار.
” مدارج السالكين ” (2/502-504)
تابع أيضًا: آيات قرآن للراحة النفسية والتخلص من الهموم مع شرح مبسط للآيات