عدد واجبات الصلاة ثمانية ويقصد بها الأفعال أو الأقوال التي تجب في الصلاة،
وهذه الواجبات إذا تركها المصلي عمدًا بطلت صلاته،
وإذا تركها سهوًا تجبر بسجود السهو،
وإذا تركها جهلًا تسقط عنه.
وهي تختلف عن أركان الصلاة في أنها تجبر بسجود السهو لمن تركها
ولكن الأركان لا تجبر بسجود السهو بل لا بد من الإتيان بها إذا نسيها،
فعلى ذلك تكون الأركان أوكد من الواجبات، فما هي واجبات الصلاة ؟
ما هي واجبات الصلاة ؟
الواجبات مصطلح عند الحنابلة والأحناف، فالحنابلة يرون أن الذي يترك
هذه الواجبات عمدًا تبطل صلاته، والأحناف يرون أن الذي يترك واجبًا عمدًا
لم تبطل صلاته بل هو آثم ويستحق العقاب،
أما هذا المصطلح فغير موجود عند المالكية والشافعية
وليس عندهم إلا الأركان و السنن من حيث الجملة،
وهذه الواجبات الثمانية كالتالي:
{{ التكبير غير تكبيرة الإحرام }}
وهي قول “اللّه أكبر” عند الانتقال من هيئة إلى هيئة في الصلاة،
وتسمى تكبيرات الانتقال أما تكبيرة الإحرام فهي ركن من أركان الصلاة.
ودليل ذلك ما جاء عن أبي هريرة رضي اللّه عنه
عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال:
“إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قرأَ فأَنصِتوا، وإذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، فقولوا: آمِينَ، وإذا ركَع فارْكعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمد، وإذا سجَد فاسجدُوا، وإذا صلَّى جالسًا، فصلُّوا جلوسًا أجمعينَ” متفق عليه.
فالأمر في قوله (فإذا كبر فكبروا) للوجوب.
وقد واظب النبي صلى اللّه عليه وسلم على تكبيرات الانتقال وقال:
“صلوا كما رأيتموني أصلي” متفق عليه.
{{ التسميع من واجبات الصلاة }}
وهي قول “سمع اللّه لمن حمده” للمصلي إمامًا أو منفردًا، وتقال عند الرفع من الركوع في جميع الركعات.
ودليل ذلك قول النبي صلى اللّه عليه وسلم: وإذا قال: “سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه” من حديث أبي هريرة السابق ذكره.
{{ التحميد من واجبات الصلاة }}
وهي قول “اللهم ربنا ولك الحمد” بعد قول “سمع اللّه لمن حمده”
ويقولها الإمام والمأموم والمنفرد، وتقال أيضًا بصيغ أخرى وهي:
(ربنا ولك الحمد، ربنا لك الحمد، اللهم ربنا لك الحمد).
والدليل عليها قول النبي صلى اللّه عليه وسلم:
فقولوا “اللهمَّ ربَّنا ولك الحمد” من حديث أبي هريرة المذكور سابقًا.
{{ تسبيحة الركوع }}
وهي قول “سبحان ربي العظيم” في الركوع مرة واحدة (قولها مرة واحدة من الواجبات أما باقي الثلاثة فهي من السنن).
والدليل على ذلك ما جاء عن حذيفة رضي اللّه عنه قال: “صَلَّيْتُ مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ البَقَرَةَ، فَقُلتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ المِئَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلتُ: يُصَلِّي بهَا في رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلتُ: يَرْكَعُ بهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إذَا مَرَّ بآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ، وإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يقولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ، فَكانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِن قِيَامِهِ، ثُمَّ قالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا ممَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعْلَى، فَكانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِن قِيَامِهِ” رواه مسلم.
وكذلك ما رواه عقبة بن نافع رضي اللّه عنه قال: لَمَّا نَزَلَتْ “فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ” قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ “سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى” قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ” رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وحسّنه الألباني.
{{ تسبيحة السجود }}
وهي قول “سبحان ربي الأعلى” في السجود مرة واحدة
ودليلها ما ذكرناه سابقًا من أدلة في تسبيحة الركوع.
{{ قول “رب اغفر لي” بين السجدتين }}
أو اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني فالواجب قول رب اغفر لي
ومازاد على ذلك فهو مستحب وهذا قول الحنابلة،
أما جمهور الفقهاء فقالوا باستحباب قول رب اغفر لي وأنه ليس من الواجبات.
ودليل ذلك ما جاء عن عبد اللّه بن عباس رضي الله عنه:
“أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ كانَ يقولُ بينَ السَّجدَتَينِ: “اللَّهمَّ اغفِر لي وارحَمني واجبُرني واهدِني وارزُقني” رواه الترمذي وصححه الألباني.
وعن حذيفة رضي اللّه عنه: “أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َكَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي ” رواه النسائي وصححه الألباني.
{{ التشهد الأوسط }}
وهو قول: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) بعد الركعتين الأوليين في صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
ودليل ذلك ما جاء عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه، قال:
قال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “إذا أنتَ قُمْتَ في صلاتِكَ، فكبِّرِ اللهَ تعالى، ثم اقرَأْ ما تيسَّرَ عليك مِن القُرآنِ، وقال فيه: فإذا جلَسْتَ في وسَطِ الصَّلاةِ، فاطمئِنَّ وافتَرِشْ فخِذَك اليُسرى، ثم تشهَّدْ، ثم إذا قُمْتَ فمِثْلَ ذلك حتَّى تفرُغَ مِن صلاتِكَ” رواه أبوداود والطبراني وحسنه الألباني.
وعن عبدِ اللهِ بنِ بُحَينةَ رضيَ اللهُ عنه:
“أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى بهم الظُّهرَ، فقام في الرَّكعتينِ الأُوليَيْنِ، لم يجلِسْ، فقام النَّاسُ معه، حتَّى إذا قضى الصَّلاةَ، وانتظَرَ النَّاسُ تسليمَه،كبَّرَ وهو جالسٌ، فسجَد سجدتينِ قبْلَ أنْ يُسلِّمَ، ثم سلَّمَ” رواه البخاري ومسلم.
فالنبي صلى اللّه عليه وسلم نسي التشهد الأوسط وأجبره بسجود السهو فهذا دلالة على وجوبه.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
“إذا قعَدْتُم في كلِّ ركعتينِ فقولوا: التَّحيَّاتُ لله…” رواه النسائي وأحمد وصححه الألباني.
{{ الجلوس في التشهد الأوسط }}
لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم في حديث رفاعة السابق ذكره ” فإذا جلَسْتَ في وسَطِ الصَّلاةِ”
وكذلك قوله صلى اللّه عليه وسلم في حديث بن مسعود السابق “إذا قعدتم”
واجبات الصلاة ابن باز
يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه اللَّه
والواجبات ثمانية في أصح قولي العلماء وهي:
- جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام
فتكبيرة الإحرام ركن لابد منها لاتصح الصلاة إلا بها لا تسقط عمدًا أو سهوًا
فهذه التكبيرة فريضة عند الجميع ولفظها (اللَّه أكبر) ولا يجزئ غيرها
(كاللَّه أعظم) ومعناها أكبر من كل كبير وأعظم من كل عظيم،
أما تكبيرات الركوع والسجود وغيرها فهي واجبة عند بعض أهل العلم
وهو الأصح، وقال الأكثرون أنها سنة لا يبطل ما سقط منها الصلاة
سواء كان سهوًا أو عمدًا، والأقرب والأظهر أنها تجب مع التذكر
أما ما سقط مع النسيان أو الجهل فلا بأس، فلو لم يقل (الله أكبر)
عند الركوع ناسيًا أو جاهلًا فلا شيء عليه وتكون صلاته صحيحه،
أما إذا تعمد عدم قول (اللَّه أكبر) عند الركوع مثلًا فهذا غير جائز،
وإذا تركه سهوًا سجد سجدتين للسهو.
- سبحان ربي العظيم في الركوع.
- قول سمع الله لمن حمده للإمام والمنفرد (فلا يقولها المأموم).
- قول ربنا ولك الحمد للكل (الإمام والمأموم والمنفرد).
- سبحان ربي الأعلى في السجود.
- قول رب اغفر لي بين السجدتين.
- التشهد الأول (الأوسط).
- الجلوس للتشهد الأول.
ثم قال الشيخ: هذه ثمانية كلها واجبة مع العلم بها وتذكرها و تسقط
مع النسيان والجهل، وإذا تركها ناسيًا سجد للسهو إذا كان منفردًا أو إمامًا،
أما المأموم فهو تابع للإمام، وقد سجد النبي صلى الله عليه وسلم سجود
السهو قبل أن يسلم لما ترك سهوًا التشهد الأول.
اقرأ أيضا: ماهي أركان الصلاة ؟
(( الفرق بين الركن والواجب ))
ويوضح فضيلته الفرق بين الأركان والواجبات قائلًا:
الأركان إذا تركها سهوًا أو عمدًا تبطل صلاته إلا إذا استدرك السهو فلا بأس
(بمعنى أنه لو نسي ركن سهوًا وتذكره فأتى به فلا بأس ويكمل صلاته)
أما لو تركها ولم يتذكرها وطال الفصل فإنه يعيد صلاته.
فلو أنه صلى صلاة لم يركع فيها أو لم يسجد فلا صلاة له
فإن ترك بعض هذه الأركان عمدًا فصلاته باطلة،
وإن كان سهوًا وطال الفصل فصلاته باطلة وعليه الإعادة،
وإذا تذكر الركن يأتي به ويسجد للسهو،
فلو ترك الركوع مثلًا في الركعة الأولى وتذكر في السجود
يقوم ثم يركع ثم يكمل صلاته ثم يسجد سجدتين للسهو،
وإذا تذكر بعد قيامه للركعة الثانية يأتي بركعة بدلًا عن الذي
ترك فيها الركوع ويسجد للسهو.
أما الواجبات فإذا سقط منها واجبًا سهوًا أو جهلًا فلا حرج ولا شيء فيه
وما سقط سهوًا يجبر بسجود السهو قبل أن يسلم وهذا هو المعتمد
فمن ترك التشهد الأول مثلًا يكمل صلاته وقبل أن يسلم
يسجد سجدتين للسهو كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
هذه كانت واجبات الصلاة ، فأسأل الله العلي القدير التوفيق والسداد
إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين صلى اللّه عليه وسلم.