تفسير سورة الفلق للشعراوي | هل الحسد بإرادة الحاسد أم أمر قهري عنه ؟

تفسير سورة الفلق للشعراوي | هل الحسد بإرادة الحاسد أم أمر قهري عنه ؟

سبحان الله حين نمسي وحين نصبح، سبحان الذي يجير ولا يجار عليه، سبحان الذي نعتصم به فيعصمنا، سبحان الذي نحتمي به فيحمينا، أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم المعوذتين، فقال فيهم حبيب الله من قرأهم في الصباح والمساء كفته من كل شيء، اليوم نحن بصدد الكلام عن سورة من المعوذتين، وتحديداً عن تفسير سورة الفلق للشعراوي، والسعدي وابن كثير وابن عثيمين والطبري، لكن قبل الحديث عن تفسير سورة الفلق نذكر بعض المعلومات عن هذه السورة الكريمة.

سورة الفلق من السور المكية، التي جاء ترتيبها في المصحف الشريف قبل الأخيرة، وبعدها سورة الناس،
أما ترتيب نزولها فكان بعد سورة الفيل، تحتوي على خمس آيات فقط، وعدد كلماتها 23 كلمة، وعدد حروفها 71 حرف.

تفسير سورة الفلق

سورة الفلق مكتوبة

بسم الله الرحمن الرحيم

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلفَلَقِ (١) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِن شَرِّ النَّفَّٰثَٰتِ فِي ٱلعُقَدِ (٤) وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)

سبب نزول سورة الفلق

ذكر المفسرون أن سبب نزول سورة الفلق هو: أن غلاماً يهودياً كان خادماً للرسول صلى الله عليه وسلم،
أخذ مُشَاطَةَ رأس النبي وأعطاها لليهود، فسحروا النبي فيها، عن طريق لبيد بن الأعصم اليهودي،
الذي أخفى المشاطة في بئر لبني زريق.

فمرض الحبيب صلى الله عليه وسلم وتناثر شعر رأسه، وظل لمدة ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن،
وجعل يذوب ولا يدري ماعراه، ثم بعد ذلك جاءه ملكان فجلس واحد عند رأسه وواحد عند قدميه،
فقال الذي عند رأسه: ما بال الرجل؟ قلت: طُبَّ، قال: وما الطُّبُّ؟ قـال: سحر، قال : ومن سحره؟
قال: لبيد بن الأعصم اليهودي، قال: وبم طَبَّه؟ قـال: بمشط ومشاطة،
قال: وأين هو؟ قال : في جُفِّ (قشر) طلعة تحت راعُوفةٍ (حجر في أسفل البئر) في بئر ذروان(اسم بئر بني زريق).

فانتبه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا عائشة أما شعرتي أن الله أخبرني بدائي؟
ثم أرسل علي بن أبي طالب والزبير وعمار بن ياسر، فنزحوا ماء البئر ورفعوا الصخرة وأخرجوا الجف،
فوجدوا فيه مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا فيه وتر معقود فيه 11 عقدة مغروزة بالإبر،
فأنزل الله تعالى سورة الفلق، (وهذا أيضاً سبب نزول سورة الناس)، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة،
ووجد الرسول عليه الصلاة والسلام خفَّةً حتى انحلت العقدة الأخيرة،
ورقاه جبريل عليه السلام (بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن حاسدٍ وعينٍ، الله يشفيك).

موضوع آيات سورة الفلق

تتحدث سورة الفلق على أن يستجير العباد بالله تعالى، من شرور الجن والإنس، وأن يستعيذوا بالله تعالى من الحسد والحاسدين.

فضل سورة الفلق

عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ألا أخبرك بأفضل ماتَعَوَّذ به المتعوذون؟]،
قال: قلت: بلى، قال: [ قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس] (رواه النسائي وأحمد).

فـ سورة الفلق تحميك من شياطين الإنس والجن وتحميك من الحسد ومن شرور الخلق.

وفيما يلي نذكر بعض تفاسير العلماء التي وردت في تفسير سورة الفلق وهي كالتالي:

تفسير سورة الفلق ابن كثير

تفسير سورة الفلق

قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ (١)

قال ابن عباس: الفلق يعني الصبح، وقال ابن جرير: هي كقوله تعالى: (فالق الإصباح)، وقال ابن عباس “الفلق” : الخلق،
فالله تعالى أمر رسوله الكريم أن يتعوذ من الخلق كله،
وقال كعب الأحبار: “الفلق” بيت في جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره،
قال ابن جرير والصحيح : هو فلق الصبح، واختار البخاري أيضاً هذا القول.

مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (٢)

من شر ماخلق: من شر جميع المخلوقات، وقال الحسن البصري: من شر ماحلق أي جهنم وأبليس وذريته مما خلق.

وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣)

قال مجاهد: غاسق أي الليل، إذا وقب أي غروب الشمس، وقال الحسن: غاسق إذا وقب أي الليل إذا أقبل بظلامه،
وقال الزهري: أي الشمس إذا غربت، وقال قتادة: أي الليل إذا ذهب، وقال ابن جرير وآخرون: هو القمر، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت:
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، فأراني القمرحين طلع، فقال: ” تعوذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب”،
ومن قالوا بأنه الليل ذكروا أن هذا لا ينافي قولنا، لأن القمر آية اليل.

وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّٰثَٰتِ فِي ٱلۡعُقَدِ (٤) وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)

قال مجاهد وعكرمة: أي السواحر، قال مجاهد: إذا رقين ونفثن في العقد،
وجاء في الحديث أن جبريل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اشتكيت يا محمد؟ فقال : نعم،
فقال: “بسم الله أرقيك، من كل داء يؤذيك، ومن شر كل حاسد وعين، الله يشفيك”،
وهذا كان عندما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم حين سحر،
ثم شفي بإذن الله تعالى، ورد الله كيد السحرة والحساد من اليهود.

تفسير سورة الفلق للسعدي

قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ (١)

قل : متعوذاً ، أعوذ : ألجأ وأعتصم وألوذ، برب الفلق: فالق الإصباح والحب والنوى.

مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (٢)

أي يشمل جميع مخلوقات الله تعالى من الإنس والجن والحيوانات،
فيستعاذ بخالقها من الشرور التي فيها، وهذا عام والخاص في الآيات التالية.

وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣)

من شر مايكون في الليل حين ينام الناس، حيث تنتشر الأرواح الشريرة والحيوانات المؤذية بكثرة.

وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّٰثَٰتِ فِي ٱلۡعُقَدِ (٤)

من شر الساحرات اللاتي يستعن على سحرهم بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر.

وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)

الحاسد: هو الذي يحب زوال النعمة عن غيره، فيسعي في زوالها عن المحسود بما يقدر عليه من الأسباب،
فالمحسود يحتاج إلى أن يستعيذ بالله من شره، وأن يبطل الله كيده، ويدخل في الحاسد هنا العاين أيضاً
لأن العين لا تصدر إلا من حاسد، وهذه الآية دليل على حقيقة السحر، ويستعاذ بالله منه.

تابع هذه المقالة عن: خصائص سورة الرحمن

تفسير سورة الفلق ابن عثيمين

( قل أعوذ برب الفلق): المقصود برب الفلق: الله تعالى، والفلق هو الإصباح،
ويمكن أن يكون أعم أي أن الفلق هو كل مايفلقه الله تعالى من الإصباح والحب والنوى،
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ}(الأنعام-95).

(من شر ماخلق): تعني من شر جميع المخلوقات، ومنه النفس (الأمارة بالسوء)،
والآية تشمل شياطين الإنس والجن والهوام وغير ذلك.

ما معنى غاسق ؟

(ومن شر غاسق إذا وقب): قيل الغاسق أي الليل، وقيل أنه القمر، والصحيح أنه عام،
والليل تكثر فيه الوحوش والهوام لذلك نستعيذ من شر الليل،
وإذا وقب معناها إذا دخل وثبت، أي الليل إذا دخل بظلامه، والقمرإذا أضاء بنوره وهذا في الليل.

(ومن شر النفاثات في العقد): هن الساحرات يعقدن الحبال وغيرها، وتنفث فيها بقراءات مطلسمة فيها أسماء الشياطين،
فيؤثر هذا السحر على المسحور، وذكر الله تعالى النفاثات ولم يذكر النفاثين لأن الغالب الذي يستعمل هذا الأمر هم النساء،
ويحتمل أن تكون النفاثات أي الأنفس الساحرات، شاملة للرجال والنساء.

(ومن شر حاسد إذا حسد): الحاسد هو الذي يكره نعمة الله على غيره،
والحاسد نوعان: الأول يحسد ويكره في قلبه ولكنه لا يتعرض للمحسود بشيء،
والنوع الثاني هو الحاسد إذا حسد، ومن الحسد العين التي تصيب المعان، فالعين حق تصيب بإذن الله تعالى.

وقد ذكر الله تعالى الغاسق إذا وقب والنفاثات في العقد والحاسد إذا حسد: لأن البلاء كله في هذه الأحوال يكون خفياً،
وطريق التخلص من هذه الأمور الثلاثة هو تعلق قلب الإنسان بالله، والتوكل عليه سبحانه، وتفويض كل الأمور للخالق عزوجل،
وقراءة الرقية الشرعية، وكثرة ذكر الله تعالى.

صوت تفسير سورة الفلق ابن عثيمين

تابع هذه المقالة: تفسير سورة الكوثر

تفسير سورة الفلق للشعراوي

حين يقول الحق تعالى: (قل أعوذ برب الفلق) فالاستعاذة تقتضي مستعيذًا، وتقتضي مستعاذًا به، وتقتضي مستعاذًا منه،
قل أعوذ بمن تعوذ؟ برب الفلق، والفلق هو الصبح والصبح أبُ النور، والنور أبُ الهداية أي يمشي الإنسان فيه على بصيرة،
أو أن الفلق هو ما ينفلق عنه الوجود والحياة، كما قال تعالى: {فالق الحب والنوى)،
وسواء كان الفلق بمعناه الأول أو بمعناه الثاني، فالله تعالى هو ما يجب أن تستعيذ به.

تفسير سورة الفلق

(من شر ماخلق): كأن في بعض خلق الله تعالى شر، فأنت تستعيذ من شر ما خلق ليبقى لك خير ما خلق،
لأنه مادام موجودًا لم يكن للشر المحض ولا للخير المحض،
فالمخلوقات منها ماهو مُذلل للإنسان (كالجمل)، ومنها مالم يُذلل للإنسان (كالثعبان)،
فكأن الله تعالى أبقى بعض عناصر الوجود من حيواناتها، ليفهمك أنك لم تذلل هذه الأشياء بقوتك،
فلو لم يذللها الله تعالى ما ذللت لك.

قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ* وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} (يس – 71:72)،
فالحق سبحانه أبقى بعض المخلوقات غير مذللة، حتى لا يظن الإنسان المكرم، أنه يستطيع الاستغناء عن ربه،
فعندما يخاف من هذه المخلوقات الغير مذللة، أن تصيبه بسوء، فليس في يده حل إلا أن يقول يارب،
لأن قوته لا تستطيع أن تحتاط من هذه المخلوقات، فكل مخاوف الإنسان هي ربط له بالخالق،
فإذا أردت أن تستعيذ من هذه الأشياء فقل(أعوذ برب الفلق من شر ماخلق).

تفسير وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ( تفسير سورة الفلق )

(ومن شر غاسق إذا وقب): وهذه الآية تخصيص بعد التعميم في الآية السابقة، والغاسق هو الليل،
وإذا وقب أي دخل بظلامه في كل شيء،
ومادام دخل بظلمته فقد ستر عن الإنسان مضان الشر، (وحش مفترس، حشرة سامة، هامات، عدو).

(ومن شر النفاثات في العقد): كلمة النفاثات تُشْعِر بالتأنيث، ففسرت بأنها الساحرات، ولكن هناك ساحرين،
ففسرت بأنها الاستعاذة من النفوس الساحرة سواء كانت لرجل أو امرأة.

هاتين الآيتين وهما (ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد)،
وقف العقلانيون فيهم وأنكروا السحر لأنه لم يخضع لقضية عقلية، وأنكروا الحسد أيضاً لنفس السبب،
ونقول أنك عندما تقول لا يوجد سحر تصادم النص القرآني ونص الحديث، فلا يصح أن يوجد اجتهاد مع نص.

قال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}(البقرة – 102)،

وهذا نص في وجود السحر، وأصله ليس عملية بشرية، بل عملية علوية علموها للبشر، ثم تناقلها البشر.

هل الحسد بإرادة الحاسد أم أمر قهري عنه؟

(ومن شر حاسد إذا حسد): الحسد هو تمني زوال نعمة المحسود، وهذا له علاقة مادية بالعين،
فهل الحسد بإرادة الحاسد أم أمر قهري عنه؟ فالإنسان عندما يحقد على صاحب نعمة، فهل هذا الحقد اختياري أم مكره عليه؟
والإجابة: الحاسد لا يحسد إلا إذا كان إيمانه ضعيف، لأنه لو فهم أن العطاء كله من الله تعالى، لن يحسد،
فالذي يحسد يعترض أولاً على الله تعالى، فالإيمان يمنع الإنسان من الحسد، إذا لا بد في الحاسد من قصد الحسد،
ولذلك عندما نرى نعمة على أنفسنا أو على غيرنا نقول (بسم الله ماشاء الله لا قوة إلا بالله)،
فإذا قيلت هذه عند كل نعمة لا يُضر صاحبها، سواء كان حاسد أو محسود.

إذًا الإنسان الذي يرى نعمة على غيره ويتمنى في نفسه أن تزول، يكون كارهاً لها،
وبذلك لن يمنع نفسه من استعمال الحسد بقوله (ماشاء الله لا قوة إلا بالله)،
لكن لو اتجه الحاسد للشيء ليضره فعرف ذلك في نفسه،
وكان تقيًا ومؤمنًا فبمجرد أن يرى نعمة عند غيره يقول ماشاء الله،
فبقوله ماشاء الله زال من نفسه التمني.

صوت تفسير سورة الفلق للشعراوي

مقال ذات صله: تفسير سورة الفاتحة

تفسير سورة الفلق تفسير الطبري

قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ (١)

يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، قل يامحمد أستجير برب الفلق من شر ما خلق من الخلق،
واختلف علماء التفسير في معنى الفلق، فقال البعض هو سجن في جهنم،
واستدلوا بما جاء عن ابن عباس قال : الفلق سجن في جهنم،

وقال آخرون الفلق: أسم من أسماء جهنم، وقيل أيضاً الفلق : الصبح
واستدلوا بقول ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير وجابر بن عبدالله : الفلق: الصبح،
وقال قتادة: الفلق هو فلق النهار أو فلق الصبح، وقال آخرون: الفلق: الخلق،
بمعنى قل أعوذ برب الخلق، قال ابن عباس الفلق يعني الخلق.

والصواب في ذلك هو أن الله تعالى أمر نبيه عليه الصلاة والسلام، أن يقول أعوذ برب الفلق وهو في كلام العرب فلق الصبح،
ويجوز أن يكون سجن في جهنم، فكان الله تعالى رب كل ماخلق من شيء،
وهو كل مايكون معنيًا به كل ما اسمه الفلق، فالله تعالى رب كُلُّ ذلك.

مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (٢)

لأن الله تعالى أمر نبيه أن يستعيذ من شر كل شيء، إذ كان كل ما سواه فهو ما خلق.

وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣)

أي ومن شر كل مظلم إذا دخل وهجم بظلامه، واختلف أهل التأويل في المظلم (الغاسق)، فقال بعضهم هو الليل إذا أظلم،
قال ابن عباس: ومن شر غاسق إذا وقب هو الليل، وقال الحسن: أول الليل إذا أظلم،
وقال القرظي: النهار إذا دخل في الليل، وقال محمد ابن كعب: هو غروب الشمس إذا جاء الليل،
وعن مجاهد قال: هو الليل إذا دخل.

وقال آخرون: الغاسق هو الكوكب، وذكروا ماجاء عن أبي هريرة : الغاسق : كوكب،
وقال ابن زيد: كانت العرب تقول: هو سقوط الثريا، وكانت الأسقام تكثر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها،
عن النبي صلى الله عليه وسلم (ومن شر غاسق إذا وقب) قال: النجم الغاسق، وقال آخرون: الغاسق هو القمر.

والصواب أن الله تعالى أمر نبيه أن يستعيذ من شر غاسق أي الذي يظلم،
فالليل إذا دخل في ظلامه فهو غاسق، والنجم إذا أفل غاسق،
والقمر غاسق إذا وقب، فالأمر عام في ذلك ولم يخصص.

وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّٰثَٰتِ فِي ٱلۡعُقَدِ (٤)

أي ومن شر السواحر اللاتي ينفثن في عقد الخيط، حين يرقين عليها، قال ابن عباس: معناه ماخالط السحر من الرُّقى،
وعن الحسن قال: هن السواحر والسحرة، وقال مجاهد: الرقى في عُقَد الخيط، وقال عكرمة: الأخذ في عقد الخيط،
وقال ابن زيد: النفاثات: السواحر في العقد.

وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)

اختلف علماء التأويل في الحاسد، فقال بعضهم: ذلك كل حاسد، أمر النبي أن يستعيذ من شر عينه ونفثه،
قال قتادة: من شر حاسد أي من شر عينه ونفسه، وقال آخرون: أُمر النبي أن يستعيذ من شر اليهود الذين حسدوه،
قال ابن زيد: من شر حاسد إذا حسد هم اليهود لم يمنعهم أن يؤمنوا به إلا حسدهم.

والصواب هو: أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من شر كل حاسد إذا حسد،
فالله تعالى لم يخصص حاسدًا دون حاسد، فالأمر عام، فيستعيذ من شر كل حاسد.

تفسير سورة الفلق للاطفال

الخاتمة

في النهاية أرجو من الله تعالى التوفيق والسداد والإخلاص، فيما عرضت من تفسير سورة الفلق إحدى سور القرآن الكريم لعدد من التفاسير،
من لديه تعليق أو توضيح أو سؤال، فليترك تعليقاً لي أسفل هذه المقالة، وسوف أجيب إن شاء الله،
سبحانك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب إليك، وصلى الله وسلم وبارك على سيد السادات وفخر الكائنات،
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

المراجع

  • خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي.
  • جامع البيان في تفسير القرآن للطبري.
  • تفسير القرآن الكريم لابن كثير.
  • تفسير كلام المنان للسعدي.
  • موقع الشيخ ابن عثيمين.

شاهد أيضاً

سورة غافر

سورة غافر مكتوبة كاملة بالتشكيل وتلاوة الشيخ مشاري

سورة غافر كاملة من السور المكية التي بدأت بحروف مقطعة وجاء ترتيب سورة غافر في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *